إن التزامنا بالإسلام يملي علينا التعارف مع أخواتنا المسلمات، وإستشعار معنى الأخوّة الصحيحة الكاملة، هذه الأخوّة التي من خصائصها إرتباط قلوب المسلمين وأرواحهم بعضها ببعض وإفشاء الحبّ والسلام والتعاون فيما بينهم، ولا يتم ذلك إلا في ظل الوحدة المتماسكة التي هي الأصل في المجتمع المسلم.
والإسلام يهدف إلى أن يعيش الناس جميعاً متوادّين متحابّين، يسعى كل فرد منهم في مصلحة الجميع وسعادة المجتمع، حتى تسود العدالة وتنتشر الطمأنينة في النفوس، ويقوم التعاون والتضامن فيما بينهم، ولكن لا يتحقق ذلك كله إلا إذا أراد كل فرد في المجتمع لغيره ما يريده لنفسه من السعادة والخير والرخاء وفعل الطاعات، ويبغض لهم من الشر والمعصية ما يبغضه لنفسه.
وإن من معاني الأخوّة في الإسلام أيضاً أن يجتهد الفرد في إصلاح أخيه المسلم إذا رأى منه تقصيراً في واجبه أو نقصاً في دينه، وأن يبادر إلى إنصاف أخيه من نفسه ويؤدي له حقوقه كما يجب هو أن ينتصف لنفسه من غيره ويحصل على حقه منه، ولقد حثّ النبي صلى الله عليه وسلم الناس على إئتلاف قلوبهم والعمل على إنتظام أحوالهم والنفور من الحسد لأنه يتنافى مع كمال الدين.
والمسلم مأمور أن يعامل إخوته في الإسلام بما يوجب تآلف القلوب واجتماعها لقوله تعالى: {إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم} [الحجرات:10]، وهي منهيّ عمّا يسبب تنافر القلوب وإختلافها، ومن أشد أسباب التنافر والإختلاف: الظلم والخذلان، والكذب والتكذيب والإحتقار، بل إن المسلم لا يحسن إسلامه ولا يكمل إيمانه حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه، ومن ذلك أن يسعى في كفّ الأذى ودفع الضرر عنه.
وإن أفراد مجتمع الإيمان والإسلام أعضاء في جسدﹴ واحد، يتحسس كل منهم مشاعر الآخرين وتنبعث فيه أحاسيسهم، فيشاركهم أفراحهم وأحزانهم: يسرُ لما يحظون به من فرح وسرور وبهجة وما يتمتعون به من أنسﹴ وصحة وسعادة، ويتألم مما ينالهم من أذى وما يصيبهم من مرض، وما يقع بهم من فاقة وفقر وضيق عيش وكرب، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول: «مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى»، لذلك فإنه يجب على المسلم أن يسارع في تفريج كرب أخيه المسلم وإزالة ما يقع فيه من همّ وغمّ. والمجتمع لن يكون سوياً قويماً، ولن يكون قوياً متماسكاً إلا إذا قام على أساسﹴ من التضامن والتكافل فيما بين أفراده يسعى كلٌ منهم في حاجة أخيه بنفسه وماله، وهذا ما دعا إليه الإسلام وأمر به القرآن وجعلته السُنّة المطهرة عنواناً لمجتمع الإيمان، قال تعالى: {وتعاونوا على البرٍِ والتقوى} [المائدة:2]، وقال صلى الله عليه وسلم:«إن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً».
ولقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بنشر التآخي بين المسلمين فقال:«وكونوا عباد الله إخواناً»، فإكتسبوا ما تصيرون به إخواناً من ترك التحاسد والتناجش والتباغض والتدابر، وتعاملوا فيما بينكم بالمودّة والرفق والشفقة والملاطفة والتعاون في الخير مع صفاء القلوب. وكونوا إخواناً متعاونين في إقامة دين الله وإظهار شعائره، وهذا لا يتم بغير ائتلاف القلوب وتراصّ الصفوف، قال تعالى: {هو الذي أيَدك بنصره وبالمؤمنين*وألف بين قلوبهم} [الأنفال: 62-63].
من هذا كله نرى أهمية الأخوّة في الإسلام ومكانتها عند المسلمين، فلنتكافل جميعاً وليحمل بعضنا عبء بعض، وليتعهد بعضنا بعضاً بالسؤال والبر وليبادر إلى مساعدته ما وجد إلى ذلك سبيلا، ولنتواص جميعاً بالحق ونتواص بالصبر، ولنوص بعضنا بتقوى الله التي هي رأس الأعمال الحسنة وأساس الإيمان الصادق.
المصدر: موقع منبر الداعيات.